أنت أولًا ... اهتم بذاتك

بقلم : ندى صبر

عبارة نسمعها في دورات تنمية الذات، والمقالات والكتب، للأسف فئة من الناس، اهتموا بذواتهم لدرجة المغالاة والأنانية، فأخذوا بالسٌمات وهجروا المُسلمات، حددوا أهدافهم من خلال الشهوات، وتغلبوا على الحواجز والممنوعات. إن البحر لا يأكل أسماكه و‏الشمس لا تُشرق لذاتها وذات اَلضَّرْع لا تشرب لبنها ‏خُلِقت الأشياء لتخدم غيرها ‏هذه حكمة الله نعيش ونتعايش، ولنكن عونًا لبعضنا، وقديمًا قالوا: ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، بمعنى لن يُدرك معنى الحياة، من يحيا لنفسه ومن أجل نفسه، ولن يُدرك معنى الحياة، من يسعد ذاته على أنقاض سعادة غيره. ما أجمل الإيثار لتحقيق الوصال بيننا وبين الآخر، بعيداً عن الأنانية البغيضة، التي تؤدي للهروب من المسؤولية، وتجعل صاحبها مفتقرًا إلى الاستقرار والاتزان النفسي. أنا لست ضد الاهتمام بالذات، ولكن أوضّح كيفية التوازن في التعامل مع الذات، فأهدافنا ومسؤولياتنا تختلف في الحياة، وكل جانب له أهميته، فلربك عليك حق ولنفسك عليك حق ولأهلك عليك حق، فأعط كل ذي حق حقه. لأن الاهتمام مهم جدا، ومِن الخطأ اعتبار ذلك مجرد رفاهية، فيجب عليهم تخصيص وقت للاعتناء بأنفسهم، حتى يستطيعوا القيام بالمهام الموكلة إليهم بنجاح، وإلا سيعم التقصير عندها ستشعر بتأنيب الضمير والندم. أيضا الزيادة في هذه الحقوق، تؤدي الى الغلو، فالأصل أن نطبق المعادلة بين الحقوق الثلاث (حق الخالق، وحق المخلوق، وحق الذات) فالإنسان المتوازن لا يفكر بذاته فقط، بل يجد المسؤولية وواجباته نحو المقربين جزءاً من تحقيق ذاته. الأنا تُشعر بالنقص، والمقارنة بالغير و يصبح مهزومًا نفسيًا، و يتمتع بحالة تامة من اللامبالاة، فهو يتعايش بأكذوبة الاهتمام بالذات، ودوما نجده في حالة سلبية ويبثها لمن حوله، لا يخدم إلا منفعته الخاصة، حتى لو كان ذلك على حساب غيره، فتصبح رغباته هي الأساس في العلاقات الاجتماعية، وتفقد العلاقات إنسانيتها وحيويتها ومعنوياتها، عندما تتغلب الأنانية على أجوائها. ‏فمثلا ضحية الأنا في العلاقات الأسرية دائمًا هم فلذات الأكباد فنحن لم ننجبهم من أجل أن نتركهم، يكفي قول الله أنهم (زينة الحياة الدنيا) فهم (في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة) ابن تيميه . إن النظرة المتوازنة للمتطلبات الشخصية الخاصة، ومتطلبات الآخرين، تحقق نوعا من الرضا والسلام الداخلي، الذي يجعل العلاقات في خطوات ثابتة وقوية.