انتهت العلاقة؟ ...
بقلم : ندى صبر
خصامٌ بين أخوين، وخلافٌ بين صديقين، وفراقٌ بين زوجين، وقطيعةٌ بين عائلتين، هذه الأمور تحصل في أغلب العلاقات، ولكن حصول هذه العلاقات أمر، والكره والحقد في العلاقة أمر آخر !! لماذا عند انتهاء العلاقات تتحول المشاعر من حب ووئام الى كره وخصام؟ لماذا بعد كل فراق نرى السب والشتم والقذف في كل مكان؟ إن أخلاقنا الحقيقية، تظهر عندما نتخاصم ونختلف، وإنَّ طريقة تعاملنا مع المُشكلات، هي ما تكشف مستوى وعينا وثقافتنا وتربيتنا وأخلاقنا، فانتهاء العلاقات لا يعني بدء الحرب. كونوا ذو أصلٍ طيبٍ، أنهوا كل شيء، واحفظوا العـشرة والود و الوفاء، قال تعالى "ولا تنسوا الفضل بينكم" قاعدة مهمة لحفظ الحقوق، وتصافي القلوب، والتخلص من بغض النفوس. أوقات الخلاف، هي اختبار لقوة العلاقة بين البشر، هناك من يخاصم ويهدم كل ما كان، وهناك من تحصل بينهما الخصيمة والزعل كأنما لا شيء كان. لكل إنسان شخصيته، التي تختلف عن الآخر، فلا يوجد شخص نسخة طبق الأصل من الشخص الآخر، و هذا الاختلاف هو مصدر ثرائه الفكري والعقلي الذي يأتي من العلاقات الاجتماعية واحتكاكه بالناس التي تقاس بصدق المودة لا بطول المدة، علاقات إما ربح وخسارة، وإما مكاسب ومصالح عابرة، وأروعها علاقة تواصل ومحبة في الله، فهي تزيد من جمال الحياة، لذلك من الضـروري أن يستمر التقدير والاحترام، وأن نلتمس لهم العذر قدر الإمكان وأن يحفظوا درجة الود بينهم مهما كان وليتذكروا اللحظات السعيدة والأوقات الجميلة على مر الأيام ولا يوجد في العلاقات الصادقة، أيَّ مكانٍ للثأر أو الانتقام بل رحمة ومودة وغفران. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}التغابن 14. ولكن في هذه الأيام للأسف، حين يحل الفراق بعد الشقاق محل الوفاق، تجد البعض يستخدم أسرار الطرف الآخر سلاح ضده، وينـشر غسيله أمام القاصي والداني، فهناك مستورٌ يفضح، وكذبٌ يلفق، وتلبيسٌ للحق بالباطل يُقذف، والأكثر حزنا ووجعا ، هو من يقوم بتشويه سمعة الآخرين، ويقول ما ليس فيهم، بالتراشق بالألفاظ ونشـر الفضائح بين الأحباب والأغراب، فلا دينًا أقاموه ولا خلقًا رفيعًا تمثلوه. قال ﷺ: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر فهل أصبح الاحترام في انتهاء العلاقات ثقافة نادرة؟ وهل الحرية في الكلام والآراء أصبحت منزوعة الأخلاق؟ قال الشافعي: الحر من راعى الوِدَاد. وختاما لا تخلو العلاقات من المد والجزر، فهناك لحظات سعيدة وأيضا لحظات تعيسة، فإما الصبر والاستمرار، وإما الرحيل بهدوء وسلام فالعلاقات أخلاق، حتى لو انتهت فمن شيمِ الأوفياءِ حفظُ الودّ بعد الفراق، والذكرُ بالخير والثناء.