كسرة قلب ...
بقلم : ندى صبر
من أصعب الجروح وأشدها ألماً على الإنسان، جرح القلب والمشاعر، إن الصدمة العاطفية أو الجسدية الشديدة، تؤثر على عضلة القلب فتتعطل وظيفة الجانب الأيسـر من عضلة القلب، ويضعف ويبذل جهد إضافي لتعويض اعتلال تلك العضلة أو بما يسمى متلازمة القلب المكسور" تاكوتسيبو" فانكسار القلب أمر مؤلم ،قد يؤذي النفس لدرجة تؤدي للوفاة، نتيجة ضغط عاطفي وضعف في القلب من فقدان مفاجئ، مثل وفاة شخص عزيز أو قلق مستمر، أو هجر أو اشتياق إلى شخص أو شيءٍ ما، فيشعر بألم في الصدر وضيق في التنفس، وخفقان في القلب واضطرابات في النوم، أضرار جسديّة ونفسيّة، بالإضافة للمشاعر السلبيّة الأخرى، التي تقضـي على الثقة بالنفس، وتزيد من الشعور بالوحدة و اضطراب المزاج، الذي يسبب شعورًا ومشاعر حزينة تملأ القلوب، فلا أحد يشعر بمقدار هذا الحزن إلّا الشّخص نفسه، كسهمٍ يقطّع أحشائه، ومن ثم يصاب بالاكتئاب ويفقد طعم ولذة الحياة، انكسار القلب كلمة بسيطة من معاني عميقه. فنحن معرضون للصدمات والانفعالات، والأقوال والأفعال، التي قد تجرح القلوب وتؤلم النفوس، سواء كانت بقصد أو بغير قصد. يقول الله تعالى: ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ))"الضحى 9" فلا تقهر اليتيم ولا تنهر السائل، حتى لا تكـسر القلوب، بغلظة اللفظ وعبوس الوجه. وقد حُكي أن عمر بن عبد العزيز، بعث مالًا فقال لعامله "كل مَن مدَّ يده إليك فأعطِه"، فانكسار النفس بالمنع وانكسار القلب بالإعراض، أعظم من أن تذهب العطية لمن لا يستحق، فإياك والاستهانة بكلمة تنطقها، فبعض الكلمات كالرصاص، فالحذر من عثرات اللسان وزلاته، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب" فلأبد أن نعالج كـسرات القلب، لتعود نبضاته إلى طبيعتها ويستعيد دقاته المبهجة، حتى نكمل مسيرة الحياة بـشراع آمن وسط أمواج الحياة المتلاطمة، وذلك بذكر الله واليقين بقربه، فالذكر حياة القلب وعلاجًا شافيًا، تأكيدًا لقول الله عز وجل (الذين آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)الرعد 28 أيضا عندما تشعر بالانكسار، تحتاج أشخاص إيجابين في حياتك، تقرّب إلى الأشخاص الذين يساعدونك على الخروج من ظلمتك لنور الحياة، بتغيير روتينك ونمط حياتك، والتمتّع بالهدوء والاسترخاء، وكذلك الرياضة والنوم الكافي، من أهم العوامل التي تقلل من كسرت القلب والتوتر النفسي. وفي النهاية تصرّف بلطف مع ذاتك، ودع الأحزان تمر ولا تستقر، تصبّر فقلبك ليس مقبرة للأحزان، إن التمسُّك بالحوادث المؤلمة ليس مفيدًا فبالمتفائل والإيجابية تجد السعادة ،فلا تنظر الى الجانب المظلم من الاشياء ولا تنسـى لعله خير ، فقد يجد الشخص في كل محنة منحة، الحياة قصة جميلة لا تتوقف عند سطر حزين، أكمل الصفحات بروح متفائلة، فقد تجد سطور سعيدة وتكون النهاية أسعد ،وتعوّد ان تنظر لما أعطاك الله ولا تنظر لما أخذ منك، فكل شيء من الله خير لنا وعليك التعامل بعقلانية مع التحديات اليومية، والمواقف المؤقتة الصعبة، فهي تقوي شخصيتك، وتجعلك اكثر حكمه وصبر ورحمة و أكثر وعيًا وتدبرًا، فنحن لا نستطيع أن نمنع طيور الحزن من أن تحلق فوق رؤوسنا، ولكن بإمكاننا أن نمنعها من أن تعشش على رؤوسنا.