ما هذا السّلام الذي يعمّ العالم؟ ...

بقلم : ندى صبر

‏نتعايش مع رمضان، بكل اجواءه وتفاصيله، وعباداته وعاداته وتقاليده، وطقوسه وآدابه. ‏في رمضان تسقط عنجهية النفوس، وتنغمس في ماء الطهر، فطابع الصوم يغيّر رتابة الحياة، ‏فهو عبادة روحية وجسدية، تكسب المؤمن سعادة، وسمو وضبط للنفس، فتهذبها وتنقيها وتصلحها للارتقاء بها، هنا تبدو قوة الإنسان، في قدرته على كبح هواه، لأن الخير كله في إدارة النفس. قال المولى عز وجل ((قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)) الشمس 9 النفس إذا كرُمت وطهُرت، استقامت لها الجوارح والحواس، وأما إذا انطلقت إلى الهوى واتباع الشهوات، بلا عقال أو تعقّل، فسدت وأفسدت، إصلاح أخلاق النفس واكتساب الأخلاق الفاضلة. وإزالة الأخلاق الرذيلة، يتم بتكرار الأعمال الصالحة والمداومة عليها، يسترجع نفسه، من حالة الانغماس الدنيوي، الذي يقوم على الحياة المادية والغريزية ،إنَّ تِّكرَار السلوك فِي جَانِب الإصلَاح لَه دَوي السِّحر، لأنها تتجمع الكَثَافَة الحسِّية الإيجَابيَّة، دَاخل العَقل البَاطِن، وبالتَّالي يحقِّق التغيير . قال «أبو سفيان العاصي (التِّكرَار يُعلِّم الأحرَار، ويُرشد الأخيَار، ويُصلح الأشرَار.( كثير من الناس يجدوا صعوبة في التغيير، ويتعذرون بذرائع وحجج شتى، ويمكن لأي إنسان أن يتغير إن أراد، يحتاج فقط إلى امتلاك الإرادة القوية، والعزيمة الصلبة، لكي يكون قادرًا على تحقيق التغيير الإيجابي، إن شهر رمضان فرصة عظيمة، كي ينقاد فيها الإنسان للتغيير إلى الأصلح والأنفع، لأن الصائم ساكن النفس، مستقر البال، نظيف الصدر، يظهر أثر صيامه على جوارحه، وهو وقاية من الشرور والآثام. اصون نفسـي كما صنت باطني بالصيام والمعاني العظام، لا أصوم إلا لأجله سبحانه كما جاء في الحديث الشـريف " يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا". إن أردت حقًا أن تتغير، فرمضان هو المحك، والفرصة أمامك، بشرط أن تُخلص النية، وتعمل من أجل الله عز وجل ومن أجل نفسك، ومن أجل كل من حولك، إن الله عز وجل (لا يغير ما بقومٍ، حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد 111 اصطحبوا رمضان إلى باقي حياتكم، رمضان ليس شهرًا، بل أسلوب حياة، افسحوا المجال لأنفسكم، للخروج من رمضان وقد تحقق التغيير. الصلاة والصيام وباقي العبادات، وكل أعمال الخير لا تنتهي "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"