‏مصابيح الفرح ...

بقلم : ندى صبر

في هذه الحياة، تتجسد الفرحة بعدة امور في المناسبات الاجتماعية، فالفطرة الإنسانية مجبولة على الفرح، وخاصة عند تلبية الوليمة ورؤية ومشاركة الأقارب والاحباب سـتشرق على قلوبها نورًا وسرور . إن الإنسان لا يشعر بالسعادة بمفرده، بل سعادته تتسع عندما يجد أقاربه واصدقاءه، وقد شاركوه فرحته. والإسلام عندما يحث عن صلة الرحم فإنه يهدف إلى تأكيد مشاعر الأخوة الإسلامية، وإزالة بعض ما يقع بينهم من تنافر وشقاق، وبعض الناس للأسف يستكثرون على الآخر، الشعور بالفرح أو التعبير عنه أثناء حضوره وينعكس عليه سلوكا، فتجده متأففًا، أو حزينًا او مكتئبًا أو مجبرًا على الحضور، تعرفهم بسيماهم من أول لقاء، فتجده عبوسًا قمطريرا، يتطاير الملل من عينيه، مما يؤثر على صاحب المناسبة سلبًا، وعلى الآخرين، وعليه يجب أن تكون المشاركة نابعة من القلب، مع ابتسامة حانيه، وسعادة صافيه، وليست مجاملات شكلية فقط. لأن إدخال السـرور على المسلم، وطلاقة الوجه والبشاشة، تصرف راق، وخلق نبوي، وهو من المعروف والصدقة قال ﷺ "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق" فلا يقابله بالوجه العبوس، ولا بالكلام السلبي، بل يتودد إليه، ويبادله المحبة واللطف "والكلمة الطيبة صدقة" و"تبسمك في وجه أخيك لك صدقة" غير إن المتأمل في حال المجتمع اليوم، يرى أنه يعاني من تطرف في أدبيات المناسبات، أضحت وسيلة للوجاهة والفخر والمباهاة، والتقليد والمكايدة، التي تبحث عنها بعض العائلات بكل لهفة واستماتة، رغبة في إظهار أفراحهم، أنها الأجمل والاشهر والافضل. وهذا يؤدي لمناسباتٍ خاويةٍ من السعادة والفرح، تفتقد للراحة والاطمئنان واحترام الضيف، والتي تتتمثل في الأغاني ذات الاصوات الصاخبة المتواصلة، والمبالغة في الاهازيج التي يتداولها الناس في الأعراس. وتحت فقاعة المظاهر، ضاعت كثير من الاسر، فلنحذر من التفاخر، والتكلف في مظاهر الفرح. كما أن الدعم والمساعدات النفسية أو المادية، للأقارب والأهل لها أجرٌ كبير، وهذا واضحٌ في أكثر من حديث نبوي، ومن ذلك ما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهل". في النهاية لنكن أكثر وعيًا، ولنتحرر من فيروس المباهاة و المفاخرة، الذي أصاب الكثير من مناسباتنا الاجتماعية ونشارك الاحباب بقلوبٍ مُحبة تسعد لفرحهم وتبادلهم بهجتهم، وحينها، يتحقق التوازن والفهم الحقيقي للواقع، وهو الفاصل في جميع امورنا، والذي يساعد بشكل رئـيسي في حل عقدة الانفصام بين المظهر والمخبر، لنعيش حياة خالية، من التكلف والتصنع، الذي أفقدنا الكثير من انسانيتنا وسعادتنا وطبيعتنا.