ترند الجمال ...

بقلم : ندى صبر

أثبتت الأيام أن معايير الجمال تتغير بتغير الزمن، لأن ما نراه جميلا في عصـرنا هذا، لم يكن مستحسن في الماضي، لان القبح سيشمل من كان يعمل ب، وشاهدنا كيف صارت الشفاه الغليظة مرغوبة، والتي كانت تثير السخرية في الماضي، ولون البشـرة السُمراء تنفق عليها الاموال، وغير ذلك من المتغيرات الجمالية. كان معاوية رضي الله عنه يقول: معروف زماننا مـنكر زمان قد مضى ومنكره معروف زمن لم يأتِ. ولا يمكن أن نَفْصِل العمليات التجميلية، التي تتكاثر في أيامنا هذه كتكاثر الفطر في البريّة عن المجتمع، ولكن تظل سمات مشتركة، ومتفق عليها لمعايير الجمال، بين الثقافات والشعوب متوارثة، فمعظمهن يتمتعن بقدرات داخليه فطرية أنثوية، ونفسية ثابته وفريدة، من نوعها بحكم طبيعة جنسهن وعلى عكس المظهر الخارجي، فقد خضع لتغييرات متباينة ومتتالية، لعدة أسباب، فهناك من يقصد طبيب التجميل لمعالجة تشوه خَلقي، أو بعد تعرضهم لحادث، ومنهم من يقصد طبيب التجميل تشبهًا بالمشاهير وتتبع الموضة فيتبعونها مثل اتباع آخر الصيحات (الترند) في الملبس، وهؤلاء نجدهم غير راضين عن مظهرهم، ويعتقدون أنه إذا أصلحوا شيئا في الخارج، فإن ذلك سيملأ النقص الذي يعانوا منه، تناسوا أن عدم الرضا "داخليًا وليس خارجيًا". فكثيرًا ما أجد آراء تسويقية، مغمورة بفيض من النصح المشوق، على إجراء العمليات التجميلية، مِن تصحيح للأنف ونفخ للخدود والشفاه، وتكبير للصدر ونحت للجسم، وهذه النصائح المشفقة، تأتي مع إغراءات تتماشى مع الواقع المتحضر، وإنها تزيد الجمال، أمام كل هذه العروض، اقول لهم "لكني مقتنعة وأحب شكلي" يصمت البعض احترامًا لرأيي، في حين يصمت آخرون، وأشعر بنظراتهم شفقةً عليّ مِن حالة الإنكار والرجعية التي أعيشها! هنا لابد من التفريق بين الهوس، والأمر الضروري والمستمر لتغيير أي شيء في الجسم، وتعديل أو تجميل الجسم، وان لا يصل ا لهوس لعمليات التجميل، وهي حالة مرضية وانعكاس نفـسي، لعدم رضاه عن شكله وقلة ثقته بنفسه، ويدخل دوامة لا تنتهي من إجراء جراحات تجميلية متعددة، وغالبا لا يجد النتيجة التي ترضيه كل مرة، لأنه يبحث من وجهة نظره عن الكمال، وهذا غير قابل للتحقق، في الاخر هي قناعات داخلية، والأهم ألا نكلف أنفسنا ما لا نطيق، ولا نقع ضحية في دائرة الإدمان، والجهل والندم.